جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

عندما تتحول المستشفيات إلى معابر للمعاناة: تجربة مؤلمة في دار الولادة بتازرين إقليم زاكورة

الدائرة – ذ.لحسن امدين

شاءت الأقدار أن أستيقظ صباح يومه الأربعاء الذي يصادف عيد الشباب على صوت أختي و هي تطلب مني نقل زوجة أخي التي جاءها مخاض الولادة. اضطررنا لاستعمال سيارتنا الخاصة لانعدام سيارات الإسعاف بالمنطقة، أو بالأحرى عدم جاهزية بعضها و غياب السائق عن البعض الآخر. توجهنا إلى دار الولادة بتازرين إقليم زاكورة، وصلنا بعد خمسة عشرة دقيقة إلى المستوصف و وجدنا دار الولادة موصدة الأبواب. اتصلنا برقم هاتفي وجدناه على الباب فأجابت سيدة أو آنسة، لا أعلم حالتها العائلية المهم أن جوابها كان بقلة إحترام و غير راضية و كأن لسان حالها يقول لماذا اتيتم و في هذا الصباح الباكر. انتظرنا أكثر من نصف ساعة حتى تخرج إلينا من مقر سكناها الذي يجاور دار الولادة لم تكن على إستعداد لإستقبال الحالة بفعالية، كانت فظة المنظر و عبوسة الوجه و بهندام منزلي لا يليق بمهنة التمريض و لم تلقي حتى التحية و كأننا ارتكبنا جرما لا يغتفر. المهم فتحت الباب و قمنا بإدخال زوجة أخي، نظرت إلينا و سألتنا من أين أتينا، سؤال و جدته غريب، فعوض أن تقوم ما يطلق عليها ملائكة الرحمة بعملها الإنساني قبل المهني و التعامل بما تمليه عليها أخلاقيات المهنة، بدأت تبحث عن سبب تتخلص به منا و تتملص من واجبها بكل الطرق. أجابتها أختي المرافقة لنا بأننا من بلدة املال . تلفظت بغلظة و قالت:” سيرو ل النقوب، ماشي هنا”، لأن بلدة املال تابعة ترابيا لقيادة النقوب.
زاد استغرابي لأنني لم أكن أعلم أنه حتى الخدمات الطبية تقدم في هذا البلد الحبيب حسب التقسيم الجغرافي و من يريد أن يمرض فليفعل في قيادته حتى يتسنى له الإستفادة من الخدمات الصحية.
استفزني كلامها و طريقة تصرفها و قلت لها أنه عندما يتعلق الأمر بالصحة فكل الحدود تلغى و لم يعد للجغرافيا دور و أننا أصحاب حق و المغرب من شماله إلى جنوبه بلد واحد و أن المواطن المغربي في بلده من حقه أن يلج أية مؤسسة صحية عمومية بغض النظر عن مكان سكناه. فهمت أن الأمر ليس كما خططت له فتحركت أخيرا من مكانها و طلبت منا التحاليل، للأسف لم نأخذها معنا ربما نسيها أخي بسبب الضغط الذي فرضته حالة زوجته. أبدت انشراحا مصطنعا و كأنها انتصرت علينا و قالت:” ما عندي مندير ليكوم ملي التحاليل مكايناش” و أضافت:” إلى تهليت فيكم نعيط ليكوم لمول لبيلانص اديها ليكوم لزاكورة”. كانت تبدي نشوة الإنتصار و لي الدراع في كل كلامها و تصرفاتها. و لم تكتفي بذلك بل تجاوزت الفضاعة و قلة الإحترام و وصل بها الأمر إلى التهديد حيث قالت:” راه غادي نتاصل بالقايد”.
لحسن حظها أننا ضد عقارب الساعة و الوقت يداهمنا و كل دقيقة تمر في مجادلتها سيكون على حساب صحة الحامل التي يزداد الم مخاضها حدة أكثر فأكثر. حاولنا الإتصال بطبيب المستوصف و بحثنا عن قائد المنطقة لكن لم نجد طريقا إليهما و لا حياة لمن تنادي و لم نجد بدا من مغادرة المكان و عدنا ادراجنا و توجهنا إلى النقوب حيث تم استقبالنا و بدون أية مزايدة فشكرا لهم.
حالتنا هذه لم تكن إلا واحدة من بين عشرات الحالات في المنطقة، لذلك نطالب، وطلبنا شكاية مفتوحة، من وزارة الصحة ممثلة في مندوبها بزاكورة أن يتدخل في القريب العاجل لوضع حد لمثل هذه التصرفات الغير المقبولة التي تتكرر بذات دار الولادة، و التي تسيء للمنطقة خصوصا و لبلدنا الحبيب عامة، لأن من وكلت إليهم الأمور يتلاعبون بصحة المواطن المغلوب على أمره في منطقة المعيدر بإقليم زاكورة عموما.
و في إنتظار أن تلقى شكايتنا آذانا صاغية من طرف الغيورين على سمعة هذا البلد، نشد بحرارة على أيدي ملائكة الرحمة التي تقوم بواجبها، كما نثمن جهود الأطباء والممرضين الذين يقومون بعملهم بإخلاص وتفان، وندعو الله أن يوفقهم في أداء واجبهم النبيل و أملنا في الله كبير أن نستيقظ يوما على غد بدون شكايات.

التعليقات مغلقة.