الدائرة – ذ.لحسن امدين
في المغرب من شماله إلى جنوبه و مهما بلغ حجم الخلافات بين الناس، يبرز التضامن بين الجيران كقيمة إنسانية عميقة وجزء أساسي من النسيج الإجتماعي، خاصة في أوقات الأزمات والمصائب مثل الوفاة. و هذا ما حصل قبل يومين حيث أقيم حاليا عندما انتقلت إلى دار البقاء زوجة أحد الجيران حيث حضر كل من يسكن بالجوار لتقديم المساعدة كل حسب استطاعته رغم أن الجار هذا غير مندمج و غير معروف في اوساطهم حسب قولهم.
هذا التضامن يضفي طابعا خاصا على كيفية تعامل المجتمع المغربي مع الأحزان والأوقات الصعبة و العصيبة، مما يعزز الروابط الإجتماعية ويوفر الدعم إذ يظهر الجيران قبل العائلة التزاما عميقا بتقديم العزاء والمساعدة، سواء عبر الحضور الشخصي إلى بيوت العزاء، أو من خلال تقديم الدعم النفسي والمعنوي و حتى المادي كلما دعت الضرورة إلى ذلك، فيقوم البعض بتجهيز الطعام وتوزيعه على أهل الفقيد، بينما يساهم آخرون في الترتيبات الجنائزية والمساعدة في إدارة الجوانب اللوجستية المتعلقة بالدفن من غسل الميت و حفر القبر و إحضار سيارة لنقل الاموات…
هذه العادات لا تقتصر على مجرد تصرفات آلية يقوم بها الجيران، بل تعكس التزاما حقيقيا بتخفيف الألم ومشاركة الحزن و التخفيف على الأسر المكلومة حيث يجتمع الناس في بيت أهل الفقيد أو الفقيدة مما يعزز روح التضامن ويخفف من شعور الوحدة الذي قد يعانون منه. إضافة إلى ذلك، تساهم هذه الممارسات في الحفاظ على التراث الثقافي وتقاليد المجتمع التي تبرز قيم التعاون والمشاركة و الإحساس بالآخر. في الوقت نفسه، يلعب هذا التضامن و التآزر دورا مهما في بناء وتعزيز العلاقات بين الأفراد والمجتمع. فهذه اللحظات من الدعم المتبادل تساهم في تقوية الروابط الإنسانية وتجعل المجتمع أكثر تماسكا وتلاحما. وبينما يمكن أن تكون أوقات الوفاة صعبة ومؤلمة، فإن الروح الجماعية والتضامن بين الجيران يساهمان في تسهيل هذه الفترات الصعبة وتخفيف العبء عن الأسر المفجوعة.
ختاما، يعتبر التضامن بين الجيران في المغرب أثناء مصيبة الوفاة مثالا حيا على كيف يمكن للقيم الإنسانية التقليدية أن تساهم في تعزيز النسيج الإجتماعي، وتوفير الدعم والتعزية للأفراد في أوقات الحاجة.