الجنوب الشرقي للمغرب: بين مطرقة الفيضانات وسندان الجفاف

الدائرة – ذ.لحسن امدين

تواجه منطقة الجنوب الشرقي للمغرب، أقاليم ورززات و زاكورة و تنغير خصوصا، تحديات بيئية هامة تؤثر بشكل كبير على حياة السكان والإقتصاد المحلي. هذه المناطق، التي تتميز بتنوعها الطبيعي بين الجبال والصحراء، تعاني بشكل متكرر من الفيضانات من جهة و من الجفاف من جهة أخرى، وهما ظاهرتان متناقضتان ولكن لهما تأثيرات مدمرة على حد سواء.
في بعض الفترات من السنة تشهد المنطقة أحيانا فيضانات نتيجة هطول أمطار غزيرة تحول الحواضر بالخصوص إلى برك مائية و تهدد حياة المواطنين، و ما حدث يوم الجمعة الماضية 23 غشت بمدينة تنغير خير مثال لذلك حيث أصبح من الصعب التفريق بين شوارع المدينة و مجاري الوادي جعل السكان يعيشون رعبا لم يسبق لهم أن تخيلوه. هذه الفيضانات تؤدي إلى تدمير البنية التحتية، وتآكل الأراضي الزراعية، وتهجير السكان و تدمير مساكنهم البسيطة. في العديد من الحالات، تصبح الطرق غير سالكة، ويصاب الناس بخسائر في الممتلكات والموارد الأساسية. وقد أكدت الدراسات أن الفيضانات تؤدي إلى أضرار إقتصادية هائلة، تفوق في بعض الأحيان القدرة على التعافي السريع.
في الوقت نفسه تعرف هذه الأقاليم، فترات متتالية من الجفاف الحاد، حيث تعاني المنطقة من ندرة المياه وارتفاع درجات الحرارة و التي تكون قياسية في أغلب الأحيان. هذا الجفاف يؤثر بشكل كبير على الزراعة، وهي المصدر الرئيسي لمعيشة الساكنة في المنطقة. الأراضي التي تعتمد على الزراعة لم تعد قادرة على إنتاج المحاصيل بشكل كاف، مما يؤدي إلى نقص الغذاء وارتفاع الأسعار. هذه الظروف تدفع العديد من الأسر إلى البحث عن مصادر دخل بديلة أو الهجرة إلى مناطق أخرى بحثا عن فرص لحياة أفضل.
الاستجابة لهذه التحديات تتطلب إستراتيجيات متكاملة تتضمن تحسين البنية التحتية لمواجهة الفيضانات كبناء السدود الإسمنتية و التلية و تقوية مصارف المياه داخل و خارج الحواضر و منع البنايات في مجاري المياه أو بالقرب من الأودية المعروفة بحمولاتها العالية، كما يجب تعزيز تقنيات الري لتحمل الجفاف. و من الضروري كذلك من الإستثمار في مشاريع التخفيف من آثار الكوارث الطبيعية وتطوير أنظمة الإنذار المبكر للتقليل من الخسائر البشرية والمادية للمحافظة على الأرواح و الممتلكات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تلعب الاستراتيجيات المستدامة في إدارة الموارد المائية دورا مهما في تحقيق التوازن بين التحديات المائية الموسمية من ترشيدها إلى التوعية بطرق استعمالها و لما لا زجر المبدرين لهذه المادة الحيوية.
إن الوضع في الجنوب الشرقي للمغرب، خصوصا أقاليم ورززات و زاكورة و تنغير يتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع المحلي والمنظمات غير الحكومية لتطوير حلول فعالة ومبتكرة لمواجهة هذه الأزمات البيئية. من خلال العمل المشترك والتخطيط الإستراتيجي، يمكن أن تصبح هذه التحديات فرصة لتحسين الظروف المعيشية وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.
بقلم ذ. لحسن امدين.

الجنوب_الشرقيالفياضاناتالمغربدادس