الدائرة – ذ.لحسن امدين
تعد ظاهرة استغلال سيارات الدولة لأغراض شخصية وخارج أوقات العمل من القضايا التي تؤرق المواطنين وتثير قلقا بالغا في المغرب ذلك لأنه يتم استخدام هذه السيارات، التي هي من ممتلكات الدولة وممولة من أموال دافعي الضرائب من المواطنين، لأغراض غير رسمية تتضمن التنقل إلى الأنشطة الشخصية كالخروج للتبضع أو السفر من أجل الاستجمام، مما يعكس استغلالا غير مقبول للموارد العامة.
تأتي هذه الظاهرة في سياق من التحديات التي تواجه الإدارة العامة في المغرب، حيث يساهم عدم الإلتزام بقواعد استخدام سيارات الدولة في تهديد فعالية الأداء المؤسساتي من حكومة و إدارات و جماعات… وإثارة الشكوك حول نزاهة المسؤولين.
في غياب الرقابة الصارمة من طرف أصحاب القرار، تصبح فرص استغلال هذه السيارات لأغراض شخصية أكبر، مما يؤدي إلى تبديد الموارد ويعزز من الإحساس بالإحباط بين المواطنين الذين يرون أن أموالهم تنفق بشكل غير مبرر.
إن استغلال سيارات الدولة لأغراض شخصية لا يقتصر على مجرد مخالفات صغيرة، بل يتضمن أحيانا رحلات طويلة ومكلفة من دون وجهة رسمية واضحة، و لقد صادف مجموعة من المواطنين سيارات الدولة لجهة معينة في جهة أخرى خارج أوقات العمل أو في عطل نهاية الأسبوع، وقد يتسبب هذا التصرف في تحميل الميزانية العامة أعباء مالية إضافية يمكن اسثمارها فيما يعود بالنفع للصالح العام، علاوة على أنه يعكس صورة سلبية عن المسؤولين الذين يفترض بهم أن يكونوا قدوة في النزاهة والشفافية.
لمعالجة هذه المشكلة، من الضروري أن تتخذ الحكومة المغربية خصوصا الجهات الرسمية، خطوات جادة وفعّالة، و بالتالي فإنه يجب وضع سياسات واضحة وصارمة بشأن استخدام سيارات الدولة، مع تحديد دقيق للأغراض الرسمية التي يسمح باستخدام هذه السيارات من أجلها كما يجب تعزيز أنظمة الرقابة والمتابعة، بما في ذلك تركيب أنظمة تتبع إلكترونية لمراقبة حركة السيارات و تنقلاتها وتوثيق كل استخدام و تفعيل عقوبات رادعة ضد المخالفين لضمان عدم تكرار هذه التجاوزات. إضافة إلى ذلك، يجب تعزيز الشفافية من خلال نشر تقارير دورية حول استخدام سيارات الدولة، مما سيساهم في تعزيز ثقة المواطنين في إدارة الموارد العامة ويعزز من فعالية العمل الحكومي.
و في الأخير، يتطلب التصدي لظاهرة استغلال سيارات الدولة إرادة قوية من الحكومة والمجتمع على حد سواء و كل من موضعه و مسؤوليته. فالتزام الجميع بالقوانين والشفافية سيسهم في الحفاظ على الموارد العامة وضمان استخدامها بالشكل الأمثل، مما يعزز من ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية ويعزز من فعالية العمل الإداري. و من هذا المنبر ننبه كل المخالفين أن الحساب على كل مخالفة ينتظرهم فليتقوا الله لأنه الرقيب العتيد.