الدائرة-ذ.لحسن امدين
متى نغير سلوكنا؟
لم أكن ممن يحب البحر و لا ممن يعجبه ارتياد شواطئه لكن نزولا عند رغبة من لم و لن أستطيع رفض طلبهن زرت العديد منها. و كانت آخر مرة ذهبت فيها إلى البحر هي يوم الأربعاء الماضي 25 يوليوز بعد الحادية عشرة صباحا و كان الجو حار من غير العادة. وصلت و ركنت سيارتي و إذا بشيخ لم يعجني أمره منذ أن التقت عيناي بعيناه، يناولني ورقة مكتوب عليها مبلغ 5 دراهم و طلب مني الأداء مسبقا و هو أمر لم يعجبني كثيرا و لكن تجرعت الأمر و استسغته حتى لا يفهم تصرفي أنه غريب كغربتي عن المكان. توجهت نحو الشاطىء و أخذت مكانا لي على الرمال تحث مظلتي جالسا فوق كرسي الأزرق الذي اقتنيته مؤخرا لذات الغرض بعد أن ذهب من رافقتهم لمعانقة المياه. و أنا أتأمل البحر و امواجهه المتلاطمة كأنها تشتكي و تنضب حظها اغاضني تصرف مصطافين يلعبان الكرة بقربي غير مبالين لراحتي و انزعاجي حتى لطمت كرتهم مظلتي واستقرت بقربي حينها اقترب أحدهم و طلب مني الكرة بأدب مصطنع و قال:” سمح لينا أ سيدي”. لم أعره أي إهتمام و لم ألتفت إليه، و لما علم بتجاهلي له أخذ كرته و أبتعد هو و صديقه.
عاد من رافقتهم بعد أكثر من ساعتين من السباحة و قررنا مغادرة المكان. شعرت برغبة للذهاب إلى المرافق الصحية فبحتث بعيني يمينا و شمالا حتى دلني أحدهم عنها غير بعيد، اقتربت و بيدي قنينة فارغة من سعة لتر و نصف، لم أنطق بعد ببنت شفا حتى قال لي مراقبها و بلهجة فظة:” القرعة بدرهم، الطواليط 3 دراهم و الدوش 5″. نظرت إليه و تأكدت أن كلامه موجه لي. ازدادت دهشتي و اختلطت بغضبي لكن و لأنني بحاجة ماسة لقضاء حاجتي ناولته القنينة لملءها و توجهت مباشرة إلى دورة المياه و لما خرجت أخذت القنينة و أخذ 4 دراهم مقابل “الخدمة”. توجهت نحو سيارتي و استقبلني ذلك الشيخ البشع فطلب مني أن انصرف حتى يركن سيارة فاخرة مكان سيارتي. أثار حفيظتي و أجبته أنني لازلت هنا و لن انصرف بعد. ابتعد غير راض و حينها تساءلت مع نفسي هل بمثل هذه السلوكات سنشجع السياحة في بلدنا؟ أكملت طريقي و التمست العذر لمن يقضون حاجتهم داخل مياه البحر أو في مكان منزو على الشاطئ أو من يفعلونها في حفر الرمل و قد ذهبت أكبر من ذلك و التمست العذر لأصحاب القرار في كل المجالات بهذا البلد و أنا الذي كنت انتقدهم بشدة.
غادرت شاطىء المهدية وعدت و عاد كرهي للبحر و الشاطىء أكبر و تأكدت أنني على صواب لأن ذلك المكان لم يعجبني يوما بهذه السلوكيات المشينة، فمتى يكون شعار ” لنغير سلوكنا” الذي طالما تغنينا به منزلا على أرض الواقع؟.