تائهون في مدن تائهة، منسيون في أ ارض منسية، متخلفون في بلدان متخلفة، أمكنتنا تشبهنا
و نحن نشبهها و الغريب أننا ال نستطيع االنفكاك عنها، حتى حينما نهجرها أو نبتعد عنها
تظل عالقة في األحشاء و األمعاء و الخيال.
كسالى نحن و فوضويون، لدينا تضخم غريب و ازئد في “األنا” التي تمثلنا، أو “األنا” التي
نقدمها لآلخرين دون أن يعني ذلك أنها “أنا” نابعة بصدق منا. نبني هذه “األنا” بشكل ما،
نعجنها مع خليط من الكبرياء و الكذب و البهتان، ثم نصدق أنفسنا أنها “أنا” منبثقة منا أو
أننا ننتمي إليها، أو أنها “أنا” حقيقية.
ننتقد كل شيء و ال نسمح ألحد بأن ينتقد هذه “األنا” المتيمون بها. نتهالك على كل شيء
و ال ننتبه إلى أننا ندمر التوازن الذي بالكاد نضع فوقه أرجلنا.
نحن في حاجة مستعجلة إلى مسح كلي للذاكرة و المخيلة و كل ما تراكم بدواخلنا من
تشكالت هالمية ميتافيزيقية. علينا أن نعود إلى نقطة الصفر أو إلى وضعية الالشيء، مع
المسح الكلي الذي ال يمكن بعده استرداد أي جزء و لو قليل من هذه “األنا” طمعا في إعادة
بناء جديدة لهيئة معنوية يمكنها مستقبال أن تكون أصيلة أو أن تمثلنا بصدق.
د. عزيز