في فضيحة مدوية تعكس حجم الفساد المالي والإداري الذي يمكن أن يتغلغل في مؤسساتنا، كشف تقرير صادر عن المجلس الجهوي للحسابات بجهة الرباط عن ممارسات مالية غير قانونية تمثلت في صرف رواتب لموظفين متقاعدين وآخرين متوفين في سنة 2023.
هذا التقرير المفجع يسلط الضوء على حالات غير مقبولة أخلاقياً ولا قانونياً، حيث وردت أسماء ثلاثة موظفين وافتهم المنية منذ فترة، إلا أن الجماعة المعنية واصلت صرف رواتبهم لشهور طويلة، دون اتخاذ أي إجراء لتصحيح الوضع أو استرداد هذه الأموال.
وفي سابقة خطيرة، وجد التقرير أيضًا أن هناك حالات لموظفين أحيلوا على التقاعد النسبي، ورغم ذلك استمروا في تلقي رواتبهم كاملة، كما لو أنهم ما زالوا على رأس عملهم.ما يزيد من فداحة الأمر هو الصمت المطبق الذي رافق هذه التجاوزات، حيث لم يتم الكشف عنها إلا بعد تدخل المجلس الجهوي للحسابات، ما يطرح تساؤلات ملحة حول مدى الرقابة والإشراف داخل هذه المؤسسات. كيف يمكن لمثل هذه الأخطاء أن تمر دون ملاحظة؟ وهل هناك تواطؤ بين الموظفين المعنيين والمسؤولين الماليين داخل الجماعة؟
في ظل هذه المعطيات، بات من الضروري فتح تحقيق شامل ومستقل للوقوف على كافة تفاصيل هذه الفضيحة وتحديد المسؤوليات بوضوح. كما يجب على الجهات المعنية اتخاذ إجراءات صارمة لاسترداد الأموال العامة المهدرة ومحاسبة كل من تورط في هذه الفضيحة، سواء بالتواطؤ أو بالإهمال.