الدائرة – ذ.لحسن امدين
مع قدوم فصل الصيف، يتزايد الإقبال على الشواطئ بشكل ملحوظ، ويبدأ البحر في استعادة دوره كوجهة رئيسية للترفيه والراحة. لكن خلف هذا المشهد البديع، يعاني البحر من عدة مشكلات تتزايد بشكل ملحوظ في موسم الصيف، مما يثير شكاية البحر في هذا الوقت من العام. و لقد حصل لي الشرف أن زرت البحر ذات صباح قبل مجيء الآخرين و لما وقفت في نظرة تأمل أمام أمواجه الناصعة البياض من الشاطيء نطق البحر مشتكيا:” آه ثم آه على بني آدم، أعاني و لا يبالي، بطني ملوث بالنفايات و لا ينظر لحالي، و رمالي ملطخة بالأزبال و كذلك مياهي، تغيرت زرقة مياهي وبياض أمواجي، أغضب و لا يبالي، أبكي و لا يراني، أستنجد و لا يستجيب لنجدتي، فهل يرق قلبك لحالي و تبلغ رسالتي لعله يفهمني لأنني فعلا اعاني؟”
أنهى البحر شكايته أمام ذهولي و صدمتي فنظرت يميني و شمالي و انتبهت أن كل ما اشتكى منه البحر حقيقة. البلاستيك، الزجاج، والمخلفات الغذائية متناثرة في كل مكان و تشكل تهديدا خطيرا للحياة البحرية وتؤثر سلبا على جودة المياه و نقاوة الرمال، كما تشكل تهديدا لحياة الإنسان بنفسه، لذلك لا يمكن تجاهل معاناة البحر في فصل الصيف. فهو ليس مجرد وجهة للاستجمام فقط، بل نظام بيئي هش يحمل في أحشائه غذاء للإنسان و كذلك للحيوان، يحتاج إلى عناية واهتمام دائمين.
و أنا غارق في التفكير أبحث في مخيلتي عن حل يرضي الجميع و قلت في نفسي موجها كلامي لأمواج البحر:” أليس باستطاعتك أن تدافعي عن البحر من البشر؟” فسمعتها تتلاطم و كأنها تطلب مني كيف ذلك. أجبتها:” ادفعي بمياهك إلى الأمام و لا تتركي في الشاطىء أي مكان، حينها لن يتمكن الإنسان أن يجلس حتى يلوث الرمال.” ساد صمت رهيب و هدأت الأمواج ثم أشارت إلي موجة و أثارت انتباهي و كأنها تطلب مني امرا، التفتت حينها ورائي و إذا بأول كوكبة بشرية تزحف نحو الشاطيء، بدت لي كأنها فيلق عسكري مدجج بالسلاح لمواجهة العدو. نظرت إلى البحر و كأنه يستعطفني و يطلب النجدة، لم أستطع تحمل المشهد و غادرت المكان مرددا في نفسي:” اللهم عجل بالشتاء، اللهم عجل بالطقس البارد”.