الأجراس الغائبة: لماذا تهمل شركات السيارات تنبيهات الطوارئ لمحركاتها؟
ذ.لحسن امدين
كلما ركب أحدهم معي في المقعد الأمامي لسيارتي و نسي حزام السلامة إلا و ينطلق جرس منبه يشير إلى ضرورة وضع الحزام. هذا الأمر و بتكراره لمرات عديدة جعلني أتساءل: لماذا لم توضع أجراس تنبه السائق على كل طارئ في محرك السيارة خصوصا و أن التكنلوجيا و الرقمة وصلتا اوجهما؟ لكن بعد تفكير عميق اكتشفت أن وراء الأمر مؤامرة. فهل تظن أيها السائق أن الشركات المصنعة للسيارات التي صنعت لك جرس يعطيك تنبيه صوتي في حالة عدم وضع حزام الأمان عاجزة عن أن تصنع لك جرس آخر للتنبيه في حالة إرتفاع درجة الحرارة مثلا عن المعدل الطبيعي لإنقاذ محرك سيارتك؟ أو جرس ينبهك عند أي عطب تقني في محرك سيارتك؟ لا شك أنهم قادرين على تصنيع جرس تنبيه مع مؤشر الحرارة الموجود بالسيارة للتحذير لأن كثير من سائقي السيارات يكونون مشغولين بالطريق أكثر من انشغالهم بمؤشر الحرارة و قادرين على أكثر من ذلك، و لكن سياسة الاستهلاك و التجارة المقيتة هي التي تدفعهم لتركك تتلبس في الحيطة مع أول تسريب للمياه أو عطل في دورة التبريد للمحرك لتبدأ دوامة الإصلاحات للوصول إلى جيبك و الاستنزاف المستنر لنقودك. و للعلم فهم قادرين ايضا على صنع سانسور أو حساس ينبهك بانقطاع حزام سير الناقل (لاشين) و لكن لا يفعلون و السبب نفسه و من يعتقد أن الشركات الصانعة للسيارات ملائكة فهو مخطئ.
وبعدها تذهب للميكانيكي غير المؤهل يفك البراغي ويعيدها ثم يبقي لك بعضها احتياط و يصلح عطب و يخلق لك أعطاب و تبدل قطع غيار و تصلح أخرى و تستمر الحكاية بمعاناة تلوى أخرى.
لذلك فإن إغفال شركات السيارات لتقنيات التنبيه الطارئ في محركات السيارات لا يمكن تفسيره فقط من خلال نقص التكنولوجيا أو القدرة التقنية، بل إن الواقع يبرز جوانب أخرى، حيث تعتبر هذه الشركات تعظيم أرباحها أحد أولوياتها. بدلا من إدخال تحسينات قد تمنع الأعطال مسبقا أو تنبه السائقين في الوقت المناسب، فإنها تختار تفعيل أجراس تنبيه تركز على جوانب أقل أهمية نسبيا مثل حزام الأمان، بينما تتغاضى عن الأمور الأكثر تأثيرا على سلامة المحرك والأداء العام للسيارة.
الإهتمام بالأرباح والتجارية المقيتة يتجلى في استراتيجيات هذه الشركات التي تعتمد على ضمان استمرار تكرار الصيانة والإصلاحات، مما يساهم في خلق سوق دائم للصيانة وقطع الغيار. هذا التكتيك يضمن عدم استقرار حالة السيارة، مما يدفع السائقين للتوجه بشكل مستمر إلى الأوراش الميكانيكية، مما ينعكس بشكل مباشر على أرباح الشركات.
من هنا، يتضح أن التكنولوجيا ليست هي المشكلة الوحيدة. إنما هناك عوامل تجارية واستراتيجية تلعب دورا كبيرا في اتخاذ هذه القرارات. على السائقين أن يكونوا واعين لهذه الأبعاد وأن يتخذوا احتياطاتهم الخاصة لضمان سلامة محركاتهم، وعدم الإعتماد الكلي على الشركات التي قد تركز على المصلحة المادية على حساب الإبتكار في تقديم حلول وقائية حقيقية.
بقلم ذ. لحسن امدين.
التعليقات مغلقة.