أزمة النقل الحضري (فوغال) في القنيطرة: معاناة يومية لا تنتهي والمجلس البلدي غائب
القنيطرة، عاصمة الغرب، تعاني من أزمة نقل حضري خانقة تفرض معاناة يومية على الآلاف من سكانها. حافلات “فوغال”، التي تعتبر الوسيلة الأساسية للتنقل داخل المدينة، أصبحت تجسيدًا حيًا للفوضى وسوء الإدارة. في هذا المقال، نغوص في تفاصيل هذه الأزمة ونكشف كيف يظل المجلس البلدي غائبًا عن الساحة.
منذ الصباح الباكر، تبدأ معاناة القنيطريين عند محطات الحافلات. انطلقت جريدة الدائرة في جولة لرصد الوضعية الكارثية لحافلات فوغال، بدءًا من محطة طهرون. الحافلات المكتظة تتأخر بشكل مستمر، مما يجعل الركاب ينتظرون لساعات في طوابير طويلة تحت الشمس الحارقة. عندما تصل الحافلة، تكون ممتلئة إلى حد لا يطاق، حيث يقف الركاب متكدسين مثل السردين في علبة.
داخل الحافلات، الوضع أسوأ. الازدحام الشديد يجعل التنفس صعبًا، والزجاج المغلق يضاعف من حرارة الجو. المقاعد قليلة ومتسخة، والأعمدة الحديدية تآكلت بفعل الزمن، مما يزيد من صعوبة التنقل لمن يضطرون للوقوف طوال الرحلة. ومع كل توقف مفاجئ للسائق، يتدحرج الركاب كألعاب الدمى، مما يثير الغضب والاحتقان.
في إحدى الرحلات، ضغط السائق على الفرامل بقوة في أحد المنحدرات، مما أدى إلى تدحرج الركاب الواقفين وسقوط بعضهم على الأرض. أحد الركاب الغاضبين لم يستطع تحمل الموقف، فصاح بصوت عالٍ موجهاً كلامه للسائق: “هل نحن حيوانات؟”. هذه الصرخة تعبر عن الإحباط المتزايد بين المواطنين الذين يشعرون بأنهم يعاملون كأقل من البشر.
في فترة المساء، توجهنا إلى موقف الحافلات الذي يربط بين المناطق المجاورة. كان المشهد فوضويًا؛ أفواج من الناس ينتظرون بلهفة قدوم الحافلة. وما أن تظهر في الأفق حتى يندفع الجميع نحوها بشكل عشوائي، دون أي احترام للنظام أو الأولوية، في مشهد يعكس مدى التخلف والتسيب الذي تعيشه المدينة.
في ظل هذه الأزمة، يبقى المجلس البلدي في القنيطرة غائبًا عن الساحة. أين هي الخطط والاستراتيجيات لحل هذه المعضلة؟ أين هو الاهتمام الحقيقي بمشاكل المواطنين؟ يبدو أن المجلس البلدي يعيش في عالم آخر، بعيدًا عن هموم ومعاناة سكان المدينة.
أزمة النقل الحضري في القنيطرة لا يمكن حلها بترقيعات سطحية. نحن بحاجة إلى تغيير جذري يبدأ بإعادة هيكلة نظام النقل وزيادة عدد الحافلات وتحسين جودتها، مرورًا بفرض نظام صارم يحترم كرامة المواطن، وصولاً إلى محاسبة المسؤولين عن هذا الفشل الذريع.
إن الصمت لم يعد خيارًا. على المواطنين والمجتمع المدني أن يرفعوا أصواتهم ويطالبوا بحقوقهم. على المجلس البلدي أن يتحمل مسؤولياته أو يفسح المجال لمن يستطيع إدارة الأمور بفعالية وكفاءة. فالنقل الحضري ليس مجرد خدمة بل هو حق أساسي من حقوق الإنسان، ولا يمكن القبول بالواقع الحالي المليء بالمعاناة والإهمال.
التعليقات مغلقة.